الضالعون في علم السياسة يدركون المعني الحقيقي لإمتناع أكثر المواطنين عن الادلاء بأصواتهم في انتخابات ما . كما يدركون المعني من وراء إبطال الاصوات لمن شارك منهم . فكلا الامرين لا يعني الا الاحتجاج والرفض لما يجري . إما رفضا للمرشحين فيها وإما رفضا للعملية الانتخابية برمتها نظرا لمخالفتها المعايير الصحيحة والهدف الحقيقي من ورائها.
وأول تلك المعايير وأهمها هو توفر حرية الاختيار دون اكراه . أو تخويف . فإذا نظرنا لما جري من إجراءات قبل هذه الانتخابات الرئاسية واثناءها أدركنا السبب – أو الأسباب الحقيقية - لعزوف الملايين عن المشاركة فيها . أو تعمد إبطال الصوت لمن شارك .
فقد اختفي عمدا شرط الاختيار الحر الذي نص عليه الدستور في المادة 87 من مواده . كما اختفي شرط سرية الاختيار أيضا بينما توفر عنصر الاكراه والخوف من العقوبة المنتظرة بعد انتشار التهديدات بها لمن امتنع عن الذهاب الي اللجان . أو من كانت لديه الرغبة في الترشح لها منذ البداية . لتتم ملاحقته بالاعتقال والسجن أو تشويه السمعة علي أقل تقدير .
فجري اعتقال الفريق شفيق والفريق سامي عنان والعقيد احمد قنصوة والمستشار هشام جنينة لمجرد ابداء النية في الترشح ليتم استبدال كل هؤلاء بشخص قادم من المجهول بلا تاريخ يزكيه أو حيثية ليكون المنافس في انتخابات بذلت الجهود المضنية لتوفير الشكل لها دون المضمون . المحفز للمشاركة الايجابية فيها ترشيحا او تصويتا .
ولا شك أن انتخابات رئاسية لم يتوفر فيها شرط الحرية بكل انواعها المفروضة . من حرية الترشيح الي حرية التصويت يجعلنا نجزم بكل ثقة ببطلان المشاركة فيها فضلا عن ما يتمخض عنها من نتائج هي في حكم الباطلة ايضا . وهو الموقف الذي اتخذته الملايين من المواطنين لتصبح الاصوات التي ذهبت الي السيسي فيها اصواتا باطلة تضاف الي اصوات الملايين الذين عزفوا عن المشاركة او الذين شاركوا بإبطال اصواتهم عمدا ليوصلوا اصواتهم الرافضة الي من قررها ونفذها علي هذا النحو الباطل . فما بني علي باطل فهو باطل كما تقول القاعدة المنطقية التي يدركها الجميع . ويتجاهلها القائمون علي امر البلاد والعباد.
وقد سبق للسيسي نفسه أن اصدر أمرا بإقالة اللواء محمود خليفة محافظ الوادي الجديد قبل الانتخابات الرئاسية السابقة لمجرد إعلانه تأييد السيسي ضد مرشحه المنافس حمدين صباحي . وذلك نفيا لشبهة الانحياز الحكومي الرسمي الذي جري علي اوسع نطاق من العلانية في هذه الانتخابات التي جرت منذ اسبوعين وذلك تحت سمع وبصر السيسي . بل لعله حدث بتوجيهات شخصية منه . بدليل سكوته عنها رغم علمه بأنها اجراءات باطلة تعيب النزاهة وتصيب الشفافية في مقتل . وتجعل الانتخابات برمتها في مرمي البطلان وما ينتج عنها سوي البطلان المبين !